تسأل إحدى السيدات: سمعنا منذ عدة أيام عن وفاة عدة أشخاص فى ألمانيا من تناول خيار ملوث بالبكتيريا، فهل هذه البكتيريا موجودة فى مصر ولماذا لم يحدث ما حدث فى ألمانيا للمصريين؟
يجيب الدكتور هشام الخياط، أستاذ الجهاز الهضمى والكبد بمعهد تيودور بلهارس، قائلا:
حدث فى الأيام القليلة الماضية انتشار وتفشى حالات إسهال مصاحبة بدم فى ألمانيا بالذات وذلك عقب تناول خضار ملوث بنوع من البكتيريا التى تسمى إيكولاى النازفة "Coli E."وهذه البكتيريا أدت إلى 16 حالة وفاة حتى الآن بسبب المضاعفات وهى عبارة عن تكسير كرات الدم الحمراء والفشل الكلوى الحاد الذى أودى بحياة المرضى 14 منهم من النساء، 15 حالة منهن من ألمانيا وحالة واحدة فى السويد وهذه البكتيريا تصيب فى المقام الأول القولون والأمعاء.
وتسبب إسهالا شديدا فى البداية مع آلام شديدة فى المعدة، من الممكن أن يؤدى إلى إسهال مصاحب بالدم والذى يؤدى بالتبعية إلى جفاف ومن الممكن إذا لم يعالج بالطريقة الصحيحة أن يؤدى إلى الوفاة وإذا كان المريض قابلا للعدوى ومناعته ضعيفة يؤدى إلى الوفاة نتيجة تكسير كرات الدم الحمراء والفشل الكلوى الناتج عن تكسينات "سموم" تدخل الدم وتسبب التكسير فى كرات الدم الحمراء الذى يؤدى إلى أنيميا حادة شديدة وكذلك تؤدى إلى التهاب فى الأوعية الدموية، بالإضافة إلى تجلط الدم فى الأوعية الدموية الدقيقة، وخاصة فى الكلى التى من شأنها أن تؤدى إلى الفشل الكلوى الحاد ومن المعروف أن النوع المسبب للايكولاى النازفة لهذه المضاعفات هو النوع O157..H7""
وهذا النوع البكتيرى شرس جدا وهو الذى يسبب هذه المضاعفات السابق ذكرها وأكثر الناس عرضة لهذا النوع من البكتيريا هم الأطفال وكبار السن ومرضى نقص المناعة ونادرا ما يصيب هذا النوع من البكتيريا البالغين، وخاصة فى الدول النامية ومصر وذلك لتكرار العدوى ببكتيريا وفيروسات مماثلة أثناء الطفولة وأثناء البلوغ وهذا ما يجعل المصريين غير معرضين للمضاعفات الشديدة لهذه البكتيريا لاكتسابهم مناعة فى الصغر من تكرار عدوى مماثلة لبكتيريا شبيهة وخاصة الايكولاى.
ويقول الدكتور الخياط يبقى الأطفال والرضع ومرضى نقص المناعة معرضين للإصابة بهذه البكتيريا ومضاعفاتها ومن المعروف أن بكتيريا الإيكولاى أربع أنواع رئيسية وهذه الأنواع أشرسهم هى التى تخترق الغشاء المخاطى للقولون وتتم العدوى بمثل هذه الأنواع عن طريق تناول اللحوم غير الناضجة والملوثة بالبكتيريا أو اللبن أو الماء الملوث بالبكتيريا أو العصائر الملوثة أو عن طريق تلوث الطعام من براز المريض مصاب نتيجة عدم غسل الأيدى بشكل جيد وتحضير الطعام، كما أنه من الممكن أن تنتقل العدوى عن طريق الخضروات الملوثة بروث الأسمدة الطبيعية سواء من حيوانات الحقل أو الروث البشرى الذى يحمل الميكروبات وهذا ما حدث فى أوروبا، حيث إن العدوى تمت عن طريق تناول الخيار والطماطم والخس الملوث بهذه البكتيريا عن طريق استخدام أسمدة ملوثة..
وقد تمت إصابة المرضى البالغين فى ألمانيا نتيجة لعدم وجود مناعة عندهم لنظافة البيئة الأوروبية وعدم وجود عدوى سابقة لهؤلاء المرضى، مما جعل البكتيريا شرسة للغاية، وقد سبق أن حدثت فضيحة كبرى فى أمريكا فى أواخر الثمانينات بمطعم شهير بأمريكا من جراء هذه البكتيريا، حيث تناول رواد المطعم لحوما ملوثة بهذه البكتيريا والتى نتج عنها إصابة العديد من رواد المطعم ووفاة عدد من المرضى بسبب هذه البكتيريا وقد تم الحكم على هذا المطعم الكبير بغلق فروعه وتعويض المتضررين والوفيات بملايين الدولارات نتيجة الإهمال الجسيم من هذا المطعم.
ويؤكد الدكتور هشام أن علاج هذا النوع من البكتيريا بالمضادات الحيوية مثل مركبات "الكوينولون" قد تكون فعالة إذا أعطيت بشكل مبكر جدا وفى اليوم الأول من الإصابة أو العدوى ولكنها لا تكون فعالة على الإطلاق إذا أخذت متأخرة، ويتم علاج المرضى بإعطاء المحاليل والأدوية التى تعالج الأعراض مع عدم اختلاط المريض بالأصحاء حتى يتعافى تماما، ورغم وجودها فى مصر ولكنها لا تؤثر على البالغين بصورة كبيرة نظرا لوجود مناعة لأغلب الناس فى مصر من تكرار العدوى، ولكن هناك بعض الفئات التى تكون معرضة للإصابة بهذه البكتيريا مثل مرضى نقص المناعة والأطفال وكبار السن.
وننصح هؤلاء بضرورة شرب مياه نظيفة وخالية من الجراثيم بطريقة بسيطة وذلك بغليها قبل الشرب، وخاصة فى المناطق التى ظهر فيها من قبل حالات تسمم أو حالات التيفود مثل قرى محافظات وجه بحرى ومحافظات وجه قبلى لأن هذا معناه أن هناك شكا فى اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحى، كما أنه لابد من غسل الفواكه والخضروات بطريقة صحيحة ونقعها فى الماء مع إضافة القيل من الخل وتركها لدقائق ثم شطفها جيدا قبل تناولها ومن الممكن أيضا تقشير الفواكه والخضروات قبل تناولها لأن القشرة الخارجية للخضار والفاكهة تكون البؤرة الأساسية للسموم والبكتيريا المسببة للأمراض، كما أنه يجب طهى اللحوم جيدا وعدم أكل اللحوم دون طهيها جيدا ويجب أيضا بسترة اللبن أو غليانه بشكل جيد قبل شربة ولا يجب على سيدة المنزل ترك الطعام فترة على مائدة الطعام قبل تناوله، وخاصة فى الأجواء الحارة لأنه يكون عرضة للذباب وهذا من شأنه أن تنتقل إليه البكتيريا المسببة للأمراض من خلال الذباب، كما يجب عدم استخدام الروث البشرى للتسميد ويجب التأكد تماما من عدم تهالك شبكات الصرف الصحى واختلاطها بمياه الشرب.
الكاتب: أمل علام
المصدر: موقع اليوم السابع